“الذكاء الاصطناعي والسلام”..أحدث رسائل بابا الفاتيكان للعالم
نرمين فيكتور:
أعلن رئيس اللجنة الأسقفية “عدالة وسلام” المطران مارون العمار رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي للسلام السابع والخمسين بعنوان”الذكاء الاصطناعي والسلام”، في مؤتمر صحافي عقده في المركز الكاثوليكي للإعلام بمشاركة مدير المركز المونسنيور عبدو ابو كسم وعضو اللجنة الاسقفية “عدالة وسلام” الدكتور جورج بيطار.
بداية رحب ابو كسم بالحضور وقال:”نطلق اليوم رسالة قداسة البابا في اليوم العالمي للسلام على ان يتم الاحتفال بهذا اليوم في السابع من كانون الثاني في الصرح البطريركي في بكركي الساعة العاشرة صباحا”.
اضاف:”اليوم نطلق هذه الرسالة بعنوان “الذكاء الاصطناعي والسلام”، ونتساءل امام هذا التطور العجيب كما سموه في المجمع الفاتيكاني الثاني للاعلام، انه من الاختراعات العجيبة، واليوم نحن نتكلم على الذكاء الاصطناعي حيث ينظر العالم اليه وكأنه اختراع جديد ربما يقلص عقل الإنسان ويفتح الآفاق على العالم الالكتروني والعالم السيبراني وعالم الانترنت وربما يغني البشرية. من هذا المنطلق نسال هل الذكاء الاصطناعي هو نعمة للبشرية ام نقمة”.
وتابع ابو كسم:” لهذا السبب تدرس الكنيسة هذا الاختراع العجيب لكي تستطيع ان توجه ابناءها في التعامل معه، جاءت رسالة قداسة البابا لهذه السنة لمناسبة يوم السلام العالمي لتتكلم عن السلام وما يستطيع ان يقدمه له الذكاء الاصطناعي، هل سيكون هذا الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام ام انه سيسبب لا سمح الله مشاكل في عالمنا، على ان نقيم ندوات حول هذا الموضوع لنتبحر أكثر فأكثر في ماهية هذا الاختراع العجيب”.
وتحدث المطران العمار عن إيجابيات الذكاء الاصطناعي واهدافه، انطلاقا من رسالة البابا فرنسيس حول هذا الموضوع وارتباطه بالسلام” ، وقال:”الذكاء الاصطناعي اصبح في كل مكان وتأثيره قوي في توجه العالم وفي التربية العالمية وبالتقدم والتطور العالمي، لذلك رأت الكنيسة وعلى رأها قداسة البابا انه لا يمكننا الا الاضاءة على هذه المادة العجيبة التي دخلت المجتمع بقوة ورأى قداسة البابا انه يجب ان تكون مصدرا للسلام ولذلك قدم لنا هذه الرسالة التي تجعلنا نفكر كأشخاص ودول وهيئات ومؤسسات عالمية كيف يمكن ان نوجه هذا المخلوق الجديد نحو السلام. وهذه الغاية الاساسية التي وضعها قداسة البابا لان الذكاء الاصطناعي ليس محصورا في بيئة او دولة معينة بل اصبح عالميا من هنا رأى انه لا يمكننا التحدث عن السلام من دون الاخذ في الاعتبار العنصر الجديد وتوجهه نحو السلام بعيدا من السلبيات.
وأشار العمار الى ان الذكاء الاصطناعي “يهدف إلى تحسين حياة البشر والبشريّة عبر العمل على توقّف الصراعات في أنحاء العالم، وعلى تقديم المساواة الإنسانيّة بين الشعوب عبر التطوّر الإيجابي للحياة وخلق عالم اكثر إنسانيّة وإنصاف المهمّشين والضعفاء”.
واعتبر ان “الذكاء الاصطناعي نعمة إنسانيّة لأنّه تعبير عن إظهار الكرامة الإنسانيّة الّتي وهبنا إياها اللّه في الخلق، والقدرة الإبداعيّة عند الإنسان”.
وعن تطبيق الذكاء الاصطناعي على الأرض في خدمة السلام ، اشار العمار الى ان” قداسة البابا يرى ذلك ممكنا من خلال:
– السيطرة على التطوّر التكنولوجي الّذي يمثّل أحيانا خطرا على الإنسان
– المساعدة على تقدّم البشريّة عبر خدمة أفضل لها موجّهة نحو الخير العام
– المساعدة على التنمية البشريّة المتكاملة، مثلا” في الزراعة والتعليم والثقافة والأخوّة الإنسانيّة والصداقة الإجتماعيّة والسلام
– خدمة الكرامة البشريّة عبر تعزيز إمكانيّات التواصل الخيّرة
– تعزيز الفكر النقدي في المساعدة على التمييز في كيفيّة استخدام البيانات وأخذ الصحيح وإبعاد الكاذب
– خلق عالم أكثر تضامناً وسلاماً وعدالة”.
وختم العمار :” للوصول إلى ذلك يطلب قداسة البابا تأسيس هيئات مستقلّة للذكاء الاصطناعي ومنظمات عالميّة تعمل على تأمين التواصل بين الدول عبر استحداث دورات عالميّة مستدامة تعلّم على التمييز في عالم الذكاء الاصطناعي من أجل تنشيط الحسنات والابتعاد من السيّئات”.
ثم تحدث الدكتور بيطار عن سلبيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومخاطره على مستوى الفرد والمعلومة بحد ذاتها وعلى مستوى النزاعات العالمية والعلوم العسكرية والمحاولة للوصول الى السلام، وتطرق الى الذكاء الاصطناعي على مستوى الاقتصاد والإنتاج والتوزيع والاستهلاك والعدالة الاجتماعية بالاضافة الى الاخلاقيات والقيم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
واعتبر بيطار ان “تطبيقات التكنولوجيات مهمة ولكن لكل منها ايجابيات وسلبيات في الهدف النهائي لاستعمالها. فكل اكتشاف له ارتدادات سريعة نظنها ايجابية وله ارتدادات تظهر مع الوقت وتكون سلبية في المدى الطويل” .
ورأى بيطار “اننا نعيش في عين عاصفة توسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل مفرط ومسخّر لأغراض بعيدة من العدالة الاجتماعية والسلام العالمي وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروات، فالذكاء الاصطناعي ككل تكنولوجيا قوية يحمل في تطبيقاته إيجابيات وسلبيات ومخاطر عدة في المدى المتوسط والبعيد يصعب تقديرها آنيا”.
واشار بيطار الى ان” من سلبيات الذكاء الاصطناعي على مستوى الفرد عدم الحفاظ على خصوصية الفرد كإنسان، ويدخل في خصوصيات ودقائق معلومات الحاسوب وكشف كل المعلومات. وعلى مستوى المعلومة التي نحصل عليها من التطبيقات قد تكون غير دقيقة وغير صحيحة لغايات مشبوهة ونفعية. وفي موضوع النزاعات واسلحة الدمار الشامل فتشكل التطبيقات لعبة خطيرة غير مؤاتية للسلام وهذه التطبيقات تستعمل في النزاعات والعلوم العسكرية كما حصل في غزة والعراق وسوريا وغيرها…وكذلك في موضوع سباق التسلح الاستراتيجي. اما في مجال الاقتصاد والانتاج والتوزيع والاستهلاك المفرط فان زيادة تطبيقات الذكاء الاصطناعي تزيد من عوامل البطالة واستبدال الموظفين بالذكاء الاصطناعي”.
ورأى بيطار ان” هناك قيما يصعب جدا الحفاظ عليها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومنها: الشمولية، الشفافية، الامن، العدالة، السريةوالثقة”.
وشدد بيطار على” ضرورة انشاء هيئة عالمية ترتكز في بياناتها على حقوق الإنسان والديمقراطية وتمنى ان يتدخل الفاتيكان لفرض القيم الإنسانية والمسيحية في هذا الاطار وان تركز على ان تكون تطبيقات الذكاء الاصطناعي لاغراض سلمية وللاخوة الانسانية”.
واعتبر ان” اهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجالات عدة لا تقل عن اهمية الطاقة الذرية وتطبيقاتها. لذلك يتوجب اخضاع العلم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الى معايير ومنطق الاخلاقيات والقيم الانسانية لتدعيم العدالة والسلام في عالم يتقهقر في قطب يبتعد بنمط متسارع نحو فقدان العدالة والسلام”.