ساحة حوار

سارة الإمام تكتب :التضليل الإعلامي في السودان يغتال الوعي الجماعي

سارة الإمام تكتب :التضليل الإعلامي في السودان يغتال الوعي الجماعي

“في ظل الصراعات المسلحة في السودان، أصبح التضليل الإعلامي سلاحاً خفياً يهدف إلى تشويه الحقائق وتضليل الرأي العام، إذ يساهم الإعلام المضلل في تغذية النزاعات وطمس الحقيقة”.

 سارة الإمام تكتب :التضليل الإعلامي في السودان يغتال الوعي الجماعي
التضليل الإعلامي _نصدق مين سوا حوار

لا تنحصر الحروب على ميادين القتال وحدها، بل تمتد إلى ساحات الإعلام لتغتال الوعي الجماعي وسط احتدام المعركة.
يُعتبر التضليل الإعلامي أحد أبرز الأسلحة في حرب السودان بين الجيش السوداني وقوات مليشيا الدعم السريع، إذ يُستخدم لتشويه الحقائق، وإخفاء الجرائم، وبناء صور زائفة تدعم أو تهاجم الأجندات السياسية والعسكرية لكلا الطرفين.

•ما هو التضليل الإعلامي؟

يُعنى الإعلام المُضلل بصرف انتباه الجمهور عن الحقيقة أو إخفائها تماماً، باستخدام أساليب التمويه والخداع. وكما وصفه هربرت شيللر: “التضليل الإعلامي يخلق واقعاً زائفاً مع إنكار مستمر لوجوده.” وعادةً ما يُستخدم لخدمة أهداف ضيقة تتعارض مع المصلحة العامة، حيث يُشكّل صورة ذهنية مشوهة تجعل الجمهور يعتقد أن الواقع المُضلل هو الحقيقة.

•دور الإعلام المضلل في السودان:

ظل محتوى السوشيال ميديا في السودان يتعرض لسيل من التضليل طوال الفترة الانتقالية، حيث كانت بداية الحرب الناعمة بطريقة ممنهجة عبر صفحات تدار من داخل وخارج البلاد، تقوم بإغراق وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة التي أدت إلى تفاقم الأزمات وكرّست لوضع اجتماعي، واقتصادي، وسياسي خطير حتى اندلعت الحرب على أرض الواقع في منتصف أبريل 2023م، ونتج عنها كارثة إنسانية ما زال يدفع ثمنها الشعب السوداني حتى اليوم.

ساهمت منصات التواصل الاجتماعي في تشويش المواطن السوداني أثناء الحرب، بنشر حالة من الفوضى والتيه والعبث، خاصة في ظل انهيار القطاع الإعلامي والدمار الذي لحق بمؤسساته. فبعد سيطرة قوات الدعم السريع على المؤسسات الإعلامية، توقفت الصحف الورقية كلياً لأول مرة منذ أكثر من 120 عاماً، وتوقفت “إذاعة أم درمان القومية” عن البث في سابقة لم تحدث منذ تأسيسها عام 1940م. كما فقد القطاع الإعلامي أكثر من 90% من كوادره، ما أدى إلى انعدام مصادر المعلومات الموثوقة وانتشار الشائعات.

•الانحياز والاستقطاب الإعلامي:

لم يقتصر التضليل الإعلامي على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل لعبت بعض القنوات العربية أيضاً دوراً في تشويش الرأي العام، من خلال الانحياز الإعلامي والاستقطاب الإعلامي.

الانحياز الإعلامي: الميل لعرض وجهة نظر أحادية تخدم مصالح معينة، من خلال تحريف الأخبار وتلوينها.

الاستقطاب الإعلامي: تقسيم الجمهور إلى مجموعتين متناقضتين في الرؤى والأهداف، مع بقاء القليل منهم في موقف محايد.

•الحد من التضليل الإعلامي:

هنا تأتي أهمية تبني ثقافة التحقق من المعلومات لمواجهة التضليل الإعلامي والحد من الأخبار الزائفة، وعدم التأثر بما تقدمه المؤسسات الإعلامية، وخاصة الكبيرة منها، نظراً لتحيزاتها الأيديولوجية التي تسهم في التشويش وتأليب الرأي العام ضد نفسه.

كما يجب رفع الوعي لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي بخطورة الإعلام المُضلل الذي أسهم في تغييب الوعي الجماهيري وتأجيج خطاب الكراهية بين أبناء الشعب الواحد من خلف الشاشات، بغرض احتدام النزاعات وتعميق الانقسامات بما يخدم أجندات الحروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *