سارة الإمام تكتب :”السلام.. الحلم السوداني”
سارة الإمام تكتب :”السلام.. الحلم السوداني”
“نحن لا نسعى فقط لوقف إطلاق النار، بل نبحث عن سلام دائم يعالج جذور الصراع في السودان”،تعكس هذه المقولة للقائد الراحل د. جون قرنق حلم الشعب السوداني بسلام ظل تواقا له رغم النزاعات التي عانى منها لعقود، آملا في بناء مستقبل آمن لأجيال قادمة، وإعادة البلاد إلى مسار التقدم رغم سنوات الفوضى الطويلة، لا سيما بعد الكارثة التي حلت به منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 م، والتي أدت إلى الدمار والخسائر الجسيمة في الموارد البشرية والمادية، ولا يزال إنسان السودان يعيش حالة من النزوح والمعاناة التي لم يسبق لها مثيل.
كارثة إنسانية واقتصادية:
تعد الهجرة والنزوح القسري نتيجة انعدام الأمن والتصاعد المستمر للعنف والاشتباكات المسلحة،من أكبر التحديات التي تواجه المواطنين، فبعد أكثر على عام على الحرب تشير التقارير الصادرة عن وكالات الأمم المتحدة أن عدد النازحين يقدر بنحو 10.7 مليون شخص، وتشمل هذه الإحصائية، 7.9 مليون شخص نزحوا داخليا و2.1 مليون آخرين تفرقت بهم السبل إلى دول الجوار.
فضلا عن آلاف الضحايا، بين قتلى وجرحى، حيث تشير التقديرات إلى مقتل 150 ألف شخص، وفق رويترز؛ بينما يعاني عشرات الآلاف من الفقر والجوع نسبة لانعدام الأمن الغذائي خاصة بعد الخراب الذي طال الأراضي الزراعية.
شمل الدمار البنية التحتية في أنحاء واسعة من البلاد، لا سيما في إقليم دارفور وكردفان والجزيرة والعاصمة الخرطوم؛ مما أدى إلى تدهور الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والتعليم والصحة، فقد حرم ملايين الأطفال السودانيين من حقهم في التعليم، وخرجت عشرات المستشفيات عن الخدمة نتيجة للقصف أو الإخلاء القسري.
وفقا لتقارير اقتصادية فإن جملة خسائر الاقتصاد السوداني في ظل الحرب بلغت ما لايقل عن 120 مليار دولار، أي ما يعادل ميزانية البلاد ل12 عاما، وأدت إلى التضخم وشح الموارد.
الحوار من أجل السلام:
جرت محاولات حثيثة على الصعيد الدولي لتحقيق السلام وإنهاء الصراع، “مؤتمر جدة” الذي جمع بين أطراف الصراع برعاية دولية، شكل خطوة مهمة نحو تقريب وجهات النظر والمسافات بين الفصائل السودانية المتحاربة لكنه لم يحقق نتائج ملموسة في إيقاف النزاع.
كما لعبت القاهرة أيضا دورا محوريا في محاولة حل الأزمة السودانية حيث استضافت “قمة دول الجوار” ودعت إلى حل سلمي وشامل يضمن وحدة واستقرار البلاد، وإلى توفير بيئة مناسبة للحوار بين الأطراف السودانية، بعيدًا عن التدخلات الخارجية؛ لم يكن دور مصر الشقيقة جديدا في هذا السياق، بل حافظت على علاقات تاريخية قوية مع السودان مدركة أهمية استقراره كجزء من أمنها القومي والإقليمي.
الحل يكمن في الداخل:
رغم الجهود الدولية المبذولة لكن يبقى الحل الحقيقي للأزمة السودانية في الداخل وفي يد السودانيين أنفسهم؛ كما قال الزعيم الراحل قرنق: “نحن نبحث عن سلام دائم يعالج جذور الصراع”
أي أن السلام الحقيقي يبدأ بمعالجة أسباب النزاع الأساسية : الاقتصادية، السياسية والاجتماعية، المساواة في توزيع الموارد وإقامة دولة يسودها العدل، حيث يستطيع الجميع العيش في ظل القانون وتحقيق طموحاتهم.
فالسلام ليس وقفًا لإطلاق النار فقط، بل حلم مشترك و رغبة جماعية في التغيير وبناء مستقبل أفضل للجميع.