“باسم المصري” يكتب لـ”سوا حوار “: المجتمع هو الحل
“باسم المصري” يكتب لـ”سوا حوار”: المجتمع هو الحل(رسائل سلام 3)
يُسهب الكثير من الكُتاب في المناداة بالمواطنة ويتجه البعض لخلق مساحة بين المواطنة والهوية والمواطنة والانتماء والمحافظين منهم يحاول أن يُثري مفهوم المواطنة بربطه بالدين واستخدام بعض الكلمات المُقدسة في تأييد ذلك المفهوم، ويتجه آخرين إلى إحلالها من الربط الديني حيث يرون إنها في صالحها لا تُضيف للدين وفي طالحها تحض من القيم الدينية.
ويقرأ البعض ذلك والبعض تلك ولا نصل إلى مفهوم عام للمواطنة فيتدخل أصحاب الخلفيات القانونية والسياسية والاجتماعية، ليعرفوا المواطنة أنها مجموعة الحقوق والواجبات بين الفرد والدولة فكلاً منها له حقوق على الآخر وله واجبات تجاهه.
ولكن يغفل الكثير دور المجتمع في وضع مفهوم أكثر شمولية للمواطنة، بل مفهوم يتسع ليشمل كل المفاهيم المنسوبة والمضافة والمتداخلة مع مفهوم المواطنة، فمفهوم المواطنة هو مفهوم فعلي أي ممارس وليس مجرد مفهوم تعريفي يقف عن حد التوضيح، ولذلك يرتبط مفهوم المواطنة بمجموعة من القيم والممارسات التي تُشكل في مجمل فعلها وجود لفعل المواطنة، بل تُبري جو تتكامل فيه تلك القيم والممارسات لتُحدث الشمول النوعي لفعل المواطنة.
ولكي تتناسق تلك القيم والممارسات يجب أن يكون للمجتمع دوراً بارزاً بها، فلا قيم ولا ممارسات تتمتع بالمشروعية والشمول بدون تبني المجتمع لها، فالمجتمع هو أساس تكوين الدولة وهو الخلية التي تتكون من الأفراد، فتصبح المواطنة القائمة على المجتمع هي المفهوم الأعم والأكثر شمولية لذلك الفعل.
فلكل من الدولة والفرد دور تجاه المجتمع في تكوينه ووعيه، فالمجتمع الواعي هو المجتمع الذي يستطيع أن يمنح المشروعية في الأفعال لكل من أفراده ونظامه -أي الدولة- فلا مجال لنظام مؤسسي ديموقراطي حر متطور بدون مجتمع واعىً، ولا رجاء لأفراد يتمتعون بمساحة من الأمان في ممارسة فرديتهم دون مجتمع واعىً.
فالمجتمع الذي يُعلي فعل المواطنة هو مجتمع يُعطي مشروعية لكل من نظامه وأفراده لإعلاء قيم المواطنة وإعطاء الأولوية لممارستها، فيخلق مساحات آمنه لكل أنواع التنوع القائم على أساس النوع الاجتماعي والجنسية والعرق واللون، ويعُطي صلاحيات للتعدد القائم على الثقافة واللغة والدين والروحانيات والعادات والتقاليد والطقوس، بل ينفتح عليهم ويعطيهم صفة الشمولية دون فرض، أو دمج، أو تمييز، أو إقصاء، فيرقى ويتطور وتصبح ممارساته وقيمه هي دعائم لفعل المواطنة فتصبح مواطنة ذات شرعية لأنها مواطنة قائمة على المجتمع.
ولتفعيل مفهوم مواطنة القائمة على المجتمع، يلزم إدراج الحوار الوسيلة والسبيل للوصول لفعل المواطنة فالحوار المبني على أُسس سليمه وآليات فاعله هو الحوار الذي يُساهم في فعل المواطنة فهو حوار يقبل التنوع والتعددية ويخلق مساحات آمنه للأفراد داخل المجتمع الواحد، فيتماسك المجتمع ويترابط حول القيم والممارسات المشروعة فيحدث فعل المواطنة المستمر والمتجدد حتى يُصبح فعل حياة أي أن يحي الجميع حياة مواطنة.
فيصبح المجتمع كما هو قضية هو أيضاً حل مجتمع واعى ذو دوراً بارزاً في إعلاء قيم وممارسات المواطنة، يُعطي مشروعيه للنظام والأفراد بتحقيق كلاً منهم لدوره نحو الآخر.