“جربة” .. تونسيون وأجانب ينشرون رسائل سلام إلى العالم
يهود ومسلمين يتقاسمون الأفراح والأحزان وتربطهم عشرة تستمد نبلها من عمق روابط الإنسانية والتسامح
تونس- تبرا الشيباني:
اجتاح هاشتاج “#جربة_ لاباس” – ويعني “#جربة_آمنة”- مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، حيث انتشر في شكل فيديوهات وصور توثق هذه العبارة يرددها تونسيون وأجانب بلغات مختلفة ويبثون من خلالها رسالات حب وسلام إلى العالم.
وتأتي هذه المبادرة التي أطلقها أبناء الجزيرة وتبناها مواطنون وسياح، على خلفية الاعتداء الذي جد مساء الثلاثاء 9 مايو 2023 في محيط الكنيس اليهودي الغريبة في الرياض بجزيرة جربة، بعد انتهاء مراسم اليوم الختامي من الزيارة السنوية اليهودية إلى المعبد.
وراح ضحية هذه العملية 3 من عناصر الأمن التونسي واثنان من الزوار، وهم تونسي وقريبه الذي يحمل أيضا الجنسية الفرنسية إضافة إلى القضاء على منفذ العملية التي خلفت أيضا عددا من المصابين.
زيارة الغريبة: مناسبة للتعبير على التعايش بين الأديان في جزيرة الأحلام والسلام
وتعيش جربة كل عام على وقع زيارة اليهود السنوية إلى كنيس الغريبة بمنطقة الرياض بجزيرة جربة، الواقعة جنوب شرق تونس وهو أحد أقدم المعابد اليهودية في العالم، حيث يعود إلى أكثر من 2500 خلت، وهذا المعبد يقصده يهود تونس والخارج للتعبد والتبرك والاحتفال، كما يشاركهم مسلمون في احتفالاتهم ويقيمون معهم بعض الطقوس ككتابة الأماني على البيض للتبرك، فالبيض في التراث الشعبي في جربة يعني الخصوبة.
ويحظى هذا الحدث سنويا باهتمام محلي ودولي حيث يحضره وفود رسمية وقيادات دينية وإعلاميون من دول العالم في “زيارة الغريبة ” ترويجا للسياحة وثقافة السلام والتعايش بين الأديان.
ويقع كنيس الغريبة في منطقة الرياض التي تضم أيضا على مقربة من المعبد جامع بن يعلى الأباضي، ويسكنها عدد كبير من اليهود، لكنك وأنت تتجول في هذه المنطقة لا تفرق بين يهودي ومسلم فهم يتقاسمون الأفراح والأحزان وتربطهم علاقة تجارة ومحبة وجيرة وعشرة تستمد نبلها من عمق روابط الإنسانية والتسامح.
وتستقي جربة ثراءها من جمال الاختلافات، فيها فهي تمزج بين الثقافتين العربية والأمازيغية وفيها يعيش يهود ومسيحيون في وئام مع المسلمين، كما تضم كنيسة ومعبدا يهوديا وعددا كبيرا من المساجد.
أما سكانها، على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وثقافاتهم، فيلقبون بـ”الجرابة” نسبة إلى جربة، ويجمعون على أن جزيرة الأحلام هي أيضا أرض التسامح والسلام.