عكس التريند

كيف يساهم التعليم في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة؟.. خبراء يوضحون

هاني سميح:

 

في ظل التوترات العالمية والتنافسية التي تشهدها الأديان والثقافات المختلفة، تشتد الحاجة إلى تعزيز الحوار والتفاهم بينها، وذلك من خلال تطبيق مبادئ الأخوة الإنسانية في المجتمعات، وقد أبرز هذا الرأي شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، قائلًا: “التعليم يأتي في مقدمة الأسس اللازمة لغرس الحوار بين الأديان في المجتمعات، والممثلة في احترام الآخر وقبوله، خاصة في مراحل التعليم الأولى”.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن مجلس حكماء المسلمين يضع جهودًا كبيرة لتطوير التعليم في المجتمعات، من خلال إضافة نصائح من كتب عادية على المستوى الدراسي، لذا قام مجلس حكماء المسلمين بإصدار وثائق تضم نصائح من كتب عادية على المستوى الدراسي، تشير إلى مبادئ الأخوة الإنسانية، مثل: “لا تخاف من اختلافاتك”، “لا تستغل ضعف شخص آخر”، “لا تستغل سر شخص آخر”.

وأضاف: “لا يجب أن نكون نظامًا ثابتًا أو محدودًا في التعليم، بل يجب أن نكون نظامًا متكاملاً وشاملاً يشمل جميع المستويات والأطروحات والثقافات، فالتعليم لا يقاس بالطول أو المستوى أو المادة، بل بالإبداع والابتكار والإصلاحن فالتعليم هو فرصة لإظهار قدرات كل شخص وإثراء ذوقه وزيادة ثقافته”.

مدارس سوا حوار

مناهج دراسية لنبذ التطرف

ومن جانبه، يقول الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا جامعة القاهرة، إن الحوار بين الثقافات والأديان المختلفة يرتكز على مجموعة من الأسس على رأسها التسامح الفكري وقبول واحترام الآخر والتركيز الإيجابي، أي النظر إلى ما يوحد الشعب وما تجتمع عليه الأديان والثقافات لا إلى ما تختلف فيه.

ويتابع “حجازي” حديثه: “يمكن للتعليم أن  يمارس هذا الدور من خلال المناهج والتي باتت في حاجة ماسة إلى إدخال موضوعات جديدة تتعلق بالذكاء الثقافي والتفكير النقدي, والتي ينبغي أن تكون من ضمن المقررات التي يدرسها الطلاب في مختلف المراحل التعليمية من أجل إعداد أجيال قادرة على التعامل مع الثقافات والأديان المختلفة بقدر كبير من التسامح الفكري والاحترام المتبادل”.

يؤكد الخبير التربوي، أن مثل هذه المقررات تعصمهم من الوقوع في براثن التطرف أو أن يكونوا فريسة للأفكار الهدامة والمتطرفة التي تبثها الجماعات الظلامية، والتي أصبحت تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي حقلا لها لنشر أفكارها ومحتواها الهدام, ومن ثم فإن مثل هذه المقررات من المتوقع أن تعمل على تحصين عقول الطلاب ومنحهم المناعة الفكرية اللازمة لمواجهة مثل هذه الأفكار.

ويختتم: “تساهم هذه الأهداف في تعليم مبادئ التسامح والتعامل الحسن واحترام وتقدير الآخر جنبا إلى جنب من خلال مواد التربية الدينية والتربية الوطنية, وإلى جانب ذلك أيضًا فإن الأنشطة الثقافية والفنية التي تقيمها المدارس يمكن أن تؤدي دورًا رائدًا في تحقيق هذه الأهداف بطريقة ملحوظة”.

سوا حوار تعليم

تستخدم مصر هذه الطرق التعليمية لتعزيز الحوار بين الأديان:

 

  • تشجيع فكرة تشكيل مركز للدراسات الإسلامية والمسيحية، وهو مشروع ديني وطني يهدف إلى تعريف المصريين والعالم بالمبادئ السامية للديانتين.
  • تشجيع فكرة بيت العائلة المصرية، وهو مشروع اجتماعي ديني يستعين برجال دين من عدة طوائف مسيحية وعلماء من الأزهر للمساعدة على تسوية الخلافات المجتمعية.
  • تشجيع فكرة حوار طنجة حول الأديان، وهو مؤتمر دولي رفيع المستوى يناقش جُملة من القضايا الراهنة والملحة ذات العلاقة بموضوع التعايش والحوار بين الأديان.
سوا حوار تعليم

تطوير الثقافات

وفي السياق، يقول محمد الجنايني، الخبير في مجال التعليم، إن الحوار بين الأديان هو مفهوم يشير إلى التعارف والتواصل والتفاهم بين المسلمين وغير المسلمين في مجالات الدين والثقافة والحضارة، وهذا المفهوم له أهمية عظيمة في بناء السلام والوئام والعيش المشترك داخل المجتمع، كونه يساعد على التعرف على معاني ومفاهيم الأديان من حولنا، وتقديرها وحقائقها، وتجنب الخلافات والصراعات، وتوسيع مساحة التفاهم المشترك بين الأديان.

ويستكمل: “يساعد أيضًا الحوار بين الأديان على تحقيق التعايش المشترك بين الأديان، والاستفادة من التجارب والخبرات الإنسانية التي تضمن لكل ديانة مجتمعًا نظاميًا من أخلاقيات مشتركة، فضلًا عن تطوير أسلوب الخطاب الديني، وإظهار قدرات كل شخص في حوار ديني بطريقة نقدية وإبداعية”.

ينوّه “الجناني” إلى أن التعليم يساعد في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة بطرق عديدة، منها تشجيع الاحترام والتقدير للآخرين والثقافات، وتجنب العنف والإهانة والتمييز، وتوفير فرص التواصل والتفاهم بين الأطروحات والمجتمعات، وتبادل الآراء والخبرات والمعارف.

ويستطرد: “يساهم أيضًا التعليم في تنمية المهارات اللغوية والثقافية لكل شخص، وتعزيز قدرته على التعبير عن نفسه بطرق مختلفة، بجانب تحفيز الابتكار والإبداع في مجالات مختلفة، وتشجيع المشاركة في المشاريع الإنسانية والبيئية، وتطوير روح التضامن والتكافل بين الأديان والثقافات”.

أما عن الطرق التي يمكن استخدام التعليم فيها لتحقيق هذا الهدف، يؤكد الخبير في مجال التعليم، على أهمية تعزيز مبادئ الأخوة الإنسانية والسلام والحوار بين الأديان في المناهج الدراسية المقدمة لطلاب المراحل الأولى، وتشجيع المشاركة في حوارات ومؤتمرات وورش عمل وفعاليات تهدف إلى تبادل الآراء والخبرات، بالإضافة إلى تحقيق التعايش المشترك بين الأديان، وتطوير أسلوب الخطاب الديني.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *