سارة الإمام(السودان ):
تفوح رائحة الولائم من البيوتات السودانية..وتتعالى أصوات الأطفال بالأهازيج الشعبية يرددون “تات تات .. الرحمتات
ادونا تلات بلحات..تين تين .. الراحمين..ادونا لحم ميتين”،مشهد مصغر من يوم الصدقات، فالرَحَمات أو “الرحمتات” هو الطقس الذي يعكس جمال الفلكلور الثقافي وأهمية القيم الدينية في المجتمع السوداني، إذ يحتفل به الصائمون في أواخر أيام الشهر الفضيل لا سيما في يوم الخميس الذي يسبق الجُمعة “اليتيمة” أي الأخيرة من رمضان، يعد إطعام الطعام في هذا اليوم صدقة لأرواح الموتى من الأهل والأقارب وطلبا للدعاء بالرحمة والمغفرة لهم، وعادة ما تكون الرَحَمات في الذكرى السنوية الأولى للمتوفى.
فالرحمة لغة : هي الرقة والتعطف،واصطلاحا جاءت في مفردات القرآن للراغب الأصفهاني (الرَّحْمَةُ رقّة تقتضي الإحسان إلى الْمَرْحُومِ، وقد تستعمل تارة في الرّقّة المجرّدة، وتارة في الإحسان المجرّد عن الرّقّة) ؛ والرَحَمات جمع الرحمة.
أما “الرحمتات” في اللهجة السودانية مشتقة من “الرحمة آتية” أو “الرحمة جاءت” وتشير إلى ذات الطقس بنية الصدقة لأرواح الأموات.
*الأطفال أبطال طقس”الرحمتات”
يمثل الأطفال في طقس “الرحمتات” أبطال اليوم ونجومه وهم يتسابقون فرحا إلى المنازل يصفقون ويرددون أهازيج المشاكسة البريئة لفتا لانتباه الأمهات وربات البيوت وطلب الطعام بقولهم:الحارّة ما مرقت .. ست الدوكة ما وقفت،قشاية قشاية .. ست الدوكة نساية،كبريتة كبريتة .. ست الدوكة عفريتة،ليمونة ليمونة .. ست الدوكة مجنونة”
*من هي ست الدوكة؟
ويقصد بـ “الحارّة” أي الوجبة الساخنة، أما “ست الدوكة” فهي المرأة التي تقوم بتحضير الطعام، وعادة يقصد الأطفال المنازل التي سينعمون فيها بالطعام الطيب الوفير.
يتم ذبح الذبائح أو شراء اللحوم كلا حسب وضعه الاقتصادي وتجهيز وجبة الطعام المكونة من فتة اللحم والأرز ومنقوع التمر، فتقدم نهارا للأطفال،
أما عند المساء يتم توزيعها كوجبة عشاء لطلاب العلم في الخلاوي وعند المساجد، المستشفيات، الدور العامة وللأسر المتعففة كذلك نصيب منها، حيث تقدم الصدقات على الأفراد والجماعات.
يعكس يوم الرحمتات روح التكافل والتراحم بين أبناء الشعب الواحد ويجسد رمزية الموت الحياة وما بينهما.
