سارة الإمام تكتب :”رمضان بنكهة سودانية”
ومن هنا جاءت التسمية فحلاوة مذاقه تطغى على مرارة تكاليفه وتجهيزه؛وفي رواية أخرى أنه سمي بذلك لأنه المشروب الأسمر الذي يحاكي أرض السودان وشعبها تماما كما أورد الروائي السوداني أمير تاج السر في روايته التي حملت ذات الاسم (أرض السودان الحلو والمُر)، فحين يوجِّه محمود سؤالًا لمحجوب قائلًا: «سمعت الكثير عن تميز الجريب فروت السوداني عن غيره.. ولكن ما هو الحلو مر؟»، يرد محجوب قائلًا: «كل ما أستطيع قوله الآن إنه هو ملخص وبيان حالة السودان الذي هو بطبعه حلو يعايش المر حاليًّا».البصل المحمر: أي المقلي، نسبة لدخوله في جميع الأطباق الرمضانية الشعبية تحرص النساء على تجهيزه في جماعات بكميات كبيرة قبل حلول رمضان بأسبوع أو إثنين ثم تتم تعبئته في أواني محكمة القفل للحفاظ على طعمه ورائحته.
كيس الصائم: ويعد هو الآخر جزءا من التقاليد السودانية التي تأثرت بالحرب في البلاد، فصعوبة تحضيره وتوزيعه أدى إلى انحسار هذه العادة في غالبية الأرياف والمدن.
وكيس الصائم أو “حقيبة رمضان” ماهي إلا مساعدات خيرية كانت تقوم بها المبادرات الشبابية وبعض مؤسسات المجتمع المدني قبل حلول الشهر المبارك، تتمثل في المواد التموينية والغذائية من المستلزمات التي تقدم للأسر العفيفة، إذ يعكس ذلك جليا روح التكافل والتضامن في المجتمع.
الزفة: من العادات السودانية والمظاهر الروحانية البهيجة، تبدأ عند ثبوت رؤية الهلال حيث تنتظم الطرق الصوفية في مسيرة حاشدة يتقدمون رجالها وهم يرددون الأناشيد الإسلامية والمدائح النبوية على إيقاع “النَوْبة” أي الطبول الكبيرة، ويتبعهم موكب عظيم من كافة فئات وشرائح الشعب نساء ورجالا كبارا وصغارا يجوبون الشوارع والطرقات إعلانا باستهلال الشهر الكريم.
إفطارات الشوارع الجماعية (الضرا):
من أبرز العادات السودانية الجميلة التي لا يحتاج المدعو فيها لدعوة حيث تجتمع معظم العائلات لتناول الإفطار وأداء صلاة المغرب في الساحات والشوراع والأزقة على مدار ثلاثين يوما فكل يأتي بزاده ليشارك به أفراد الحي وعابري الطريق في مظهر من التآلف والتآخي اقتداء بسنة النبي وقوله عليه السلام: (من كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له)، يفرشون الأرض ” بالبروش” أي البساط وينتظرون كل من يأتي عابرا ، قبل أن يدركه الأذان فيتناول الطعام ويصلي في جماعة ثم ينطلق في حال سبيله، كما يقف الشباب على هيئة حواجز بشرية في منتصف الشوارع معترضين حركة المارة وسائقي المركبات ليجبروهم على التوقف والانضمام إليهم.
الصينية السودانية: تتكون من المأكولات الشعبية كالعصيدة، القراصة، الكسرة، التقلية، النعيمية، البامية المفروكة، البليلة مع التمر، بجانب العصائر البلدية مثل: الحلو مُر، الكركديه، التبلدي، وتمثل هذه المائدة السودانية الرمضانية الرئيسية بالإضافة لغيرها الأطباق والمشروبات الثانوية.
المساجد والتروايح:
تشهد دور العبادة إقبالا وحضورا كبيرا حيث تعقد حلقات التلاوة والدروس الدينية من بعد صلاة العصر حتى قبيل المغرب بقليل فتزدحم المساجد والخلاوي وقت صلاة التراويح بالمصلين من الرجال والنساء والشباب والأطفال في مشهد يشرح الصدر.
ويظل الطابع الاجتماعي والترابط أجمل مايميز المجتمع السوداني فتبادل الزيارات يتم على نطاق واسع بين الأهالي والأصدقاء وتبادل الأطباق الشهية بين الجارات مشهد مألوف يسر الناظرين، الليالي الصوفية براياتها الملونة، البرامج الثقافية الجامعة لمختلف الأفكار، الأندية الترفيهية الشعبية البسيطة وأهازيج المسحراتية بأصوات شباب وأطفال الحي، الكثير من المظاهر المتباينة والمشاهد الممتعة وضوضاء توحي بالحياة لا العداء وسكون يبعث الألفة والسلام في سودان يحاكي نهكة الحلو والمُر.