الرئيسية سوا حوارحكاية ورواية

إلغاء الزي الموحد وإطلاق لقب الباشوية.. مظاهر التعايش والتسامح بين المسلمين والمسيحيين في عهد “محمد علي”

الأقباط تقلدوا المناصب العليا في الدولة… وتم السماح لهم بحرية بناء الكنائس .. والاشتراك لأول مرة كجنود بالجيش مع المسلمين
وثيقة تؤكد على حماية الرهبان والمسيحيين في القدس… وإعفاؤهم من دفع الجزية
كان عام 1805م من السنوات الفارقة في تاريخ مصر للتعايش والتسامح بين الأقباط والمسلمين في عهد حكم “محمد علي” حيث سادت روح المساواة بين جميع المصريين التي كانت مفقودة في العهود السابقة خاصة في عهد المماليك.
وكان العصر الذي يسبق حكم “محمد علي” كحاكم لمصر، يتسم بالتمييز ضد الأقباط، لدرجة أنه لا يعاقب من يخطئ ويجرم في حقهم بأي فعل، إلا أن مصر بدأت حقبة جديدة من التسامح والعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، وذكر كتاب “مسلمون وأقباط” واقعة مهمة أكدت على عدم التمييز بين نسيج المجتمع المصري عندما وقع الخلاف بين تاجر مسلم وشخص مسيحي بسبب قطعة قماش تالفة، حيث انتهت المشادة بأن قتل التاجر المسلم ذلك الرجل المسيحي، فكان رد فعل محمد علي باشا مصيريا حيث أصر على ضرورة القصاص من التاجر المسلم وتوقيع عقوبة الإعدام عليه، ولم يكتف بهذا الأمر فقط بل أرسل مندوبا يعلن عن مصير أي شخص يكرر هذه الواقعة.
قرارات مصيرية لصالح الأقباط…
واتسم عهد محمد علي بقرارات مصيرية، في صالح الأقباط لدعم المساواة والتعايش المشترك مع المسلمين بالمجتمع المصري إيمانا منه بمبادئ المواطنة بين جميع المصريين، ومن أهم هذه القرارات، إلغاء إجبار الأقباط المسيحيين على ارتداء أزياء معينة حيث كان يرتدي الأقباط قبل عهد محمد علي اللون الأزرق والأسود كزي موحد بشكل إجباري.
السماح ببناء الكنائس…
وكان محمد علي، حريصا على توفير مناخ يتسم بحرية العقيدة والسماح ببناء الكنائس، وفقا لمبادئ العهدة العمرية، حيث شهد هذا العصر على السماح ببناء الكنائس بكل حرية، فلم يرفض أي طلب تقدم به المسيحيون لأجل بناء أو تأسيس كنيسة جديدة بهذا الوقت، خاصة منذ عام 1814م، تلك الفترة بنيت بها الكثير من الكنائس بمختلف المحافظات المصرية.
وفي عام1837م، أصدر محمد علي قرارا بمنح موظفي الدولة من المسيحيين رتبتي الباكوية والباشوية، تأكيدا منه على دورهم الوطني، كما تم تعيين عدد منهم في منصب مستشارين له، كما صاروا من كبار ملاك الأراضي الزراعية ولم يحدث تمييز في هذا الأمر منذ عهده.
وقد عانى الأقباط من صعوبات كثيرة بعهد المماليك، عند زيارتهم إلى الأراضي المقدسة، في عهد المماليك، إلا أن هناك وثيقة تم العثور عليها تؤكد على حماية الرهبان والمسيحيين في القدس، في عهد محمد علي، كما أصدر مرسوما بإعفاء المسيحيين من دفع الجزية، واشتركوا لأول مرة كجنود بالجيش دون تمييز مع المسلمين.
في الوقت ذاته أسند محمد علي باشا منصبا كبيرا المباشرين، إلى المعلم غالي أبو طاقية (والمباشرون هم من كانوا يقومون بجمع الضرائب)، ومنصب كبير المباشرين، يعادل حاليا منصب وزير المالية، وكان المعلم غالى من أقرب الأشخاص لمحمد علي باشا، وهو الذي وضع نظاما متقدما لجباية الضرائب.
تقلد الأقباط المناصب العليا في الدولة..
تقلد عدد كبير من الأقباط مراكز عليا في الدولة، في ذلك الوقت حيث قام محمد على باشا بتعيين نسبة كبيرة منهم حكام للأقاليم (وهذا المنصب يعادل اليوم منصب المحافظ)، ومن بينهم تنصيب “فرج أغا ميخائيل”، حاكما لمركز دير مواس، كما شغلوا مناصب أخرى مثل منصب كبير الكتبة الذي تقلده العلم “وهبه إبراهيم” وهذا المنصب يعادل حاليا مسئول ديوان رئيس الجمهورية في وقتنا الحالي.
ربما عهد محمد علي لم يكن العهد الوحيد تاريخيا الذي شهد روح التسامح والعيش المشترك والمواطنة بين المسلمين والمسيحيين في ذلك الوقت، ولكن أوراق التاريخ في مصر والوطن العربي شاهدة على كثير من حكايات المحبة بين مختلف طواف الشعب المصري دون تمييز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *