ساحة حوار

“سامح نسيم” يكتب :العدالة والمساواة مفتاح السلام و الحياة

“سامح نسيم” يكتب :العدالة والمساواة مفتاح السلام و الحياة

 

وسط أصوات القذائف وصرخات المصابين والجرحى لا تجد اذاننا صوت للأمل، بل سماء ملبدة بغيوم الموت تقطع اشعة شمس السلام. هذا ما يفعله العنف عندما يملئ المشهد، أنه يخرس الأمل ويحجب اشعة السلام وبهذا الأثر على نفوس المتواجدين فى قلب الصراع يصنع العنف دائرة تعييد تغذيته ليبقى ففى تلك الاجواء لا مكان سوا للمطالبات بالانتقام ورد العنف بعنف.

فى هذة الاجواء يصعب أن يجد صانع سلام مساحة لرفع صوته فإتهامات العمالة والتخوين ستكون سابقة لدعواته، ويزيد المشهد تعقيداً وجود تجار الحروب والمستفيدين لهم حساباتهم الاقتصادية والسياسية التى لا ترى فى السلام هدفاً بل تعمل على استثمار الموقف لتخرج بأكبر كم من المكاسب. كل تلك التعقيدات تجعل من السلام حلم صعب.

وإن كان السلام حلم صعب لكنه يبقى ممكناً فالمصالح يمكن التعامل معها سياسياً بل ربما يدفع الإقتصاد المتصارعين لأخذ مسار تعاونى إن ادركوا حتمية خسارتهم المشتركة بسبب التصارع وامكانية مكسبهم المشترك اذ ما تعاونوا وربما يمثل ظهور حقول الغاز فى شرق المتوسط نموذج واضح لهذا. وذلك السلام الذى يمكن ان يسمح بتنمية الاقتصادية يكفى أن يكون سلام سلبى حيث لا مظاهر للعنف المتبادل. ولكن انشاء مسار للسلام الايجابى حيث الأطراف يتبادلوا علاقات طبيعية قائمة على الثقة والاحترام المتبادل وتنافس اقتصادى وسياسى محكوم بإطار عدم الاخلال بالسلام يبقى أمر بعيد فى ظل غياب العدالة.

سامح نسيم

وهذا سر ربط أهداف التنمية المستدامة للسلام مع العدالة فى هدفها رقم 16. فوحدها العدالة والمساواة قادرة على توفير ارضية لأنشاء العلاقات السوية السلمية بين الافراد والجماعات والعكس صحيح حيث يكون السلام مشوه اذا ما غابت العدالة ولعل هذا يذكرنا بمحاولات وقف العنف من خلال الجلسات العرفية المنحازة او العاملة على قهر الطرف الاضعف لتجنب بطش الطرف الاقوى. فإن انتهى العنف فلا تحضر سلام حقيقى ايجابى لغياب العدل فى نفوس الاطراف فهذا ضعيف غلب على امره ويرى حتمية رد حقه له ويفقد ايمانه بالسلام القادر على ايفاء الحقوق وهذا قوى انفذت ارادته وغيبت العدالة فأيقن بأن القوة هى الغالبة وهى وسيلته لحصد المكاسب وأن السلام ضعيف وغير قادر على رده. وهكذا يفقد السلام متى فقدت العدالة. وهى حقيقة عميقة فى التاريخ عندما ربط المصرى القديم التناغم مع العدالة فى شخص النتر ماعت ربة العدالة فى معتقد المصرى القديم.

واليوم نرى مشهد ليس بغريب عن امسه فعلى مدار سبعة عشر عام اعتلى قطاع غزة متطرفين تلحفوا بالقضية الفلسطينية وعدالتها ليفرضوا طريقتهم لإدارة الصراع رغم عن باقى الفلسطينيين وتفقد الحركة الفلسطينية جزء كبير من زخمها وقوتها فى طريق التفاوض لصنع وطن من خلال السلام والذى كان تاريخيا الطريق الوحيد الذى اكتسب الفلسطينيين منه مكاسب سياسية. بينما جاء وجودهم ليمنح اسرائيل ذريعة لرفض التفاوض والسلام وباب لتصفية القضية التى قسمت وقطعت اوصالها. وصعدت فى المقابل التيارات المتطرفة للواجهة بل أن الحكومة الحالية فى اسرائيل هى الاكثر تطرفا فى تاريخها العنيف الطويل وفى ظل واللذين ظلوا يسوقوا لأنفسهم كأقوياء قادرين على العنف الذى سيكون طريقا للأمان. فما كان من ضغيان الطرف على المشهد سوا انفجار الدماء والدمار فالسلام السلبى غير قادر على الاستمرار مع غياب الامل فى حل نهائى للقضية الفلسطينية واستمرار الايمان بالعنف كوسيلة لتحقيق احلام مطرفى اسرائيل.

واليوم نقف جميعاً رافضين للدماء والدمار ونؤكد على اصطفافنا عند حدود الامن القومى المصرى ورفضنا تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسرى لسيناء لتعود اسرائيل لإحتلال سيناء من خلال مواطنين فلسطينين. لكن يجب ان نعى أن ما حدث فى مواجهة انفجار العنف فى غزة خلال خمس مواجهات سابقة كان النجاح فى وقف العنف فقط لكن السلام لن يبنى فى حياة العدالة والأمل.

العدالة للجميع حيث تعمل عملية السلام على منح الجميع من فلسطنيين واسرائيلين حقوق متساوية فى الحياة والنمو وأمل للجميع حيث يستطيع الطرفان حصاد ثمار السلام فى شكل حياة تنمو وتزدهر وليس بهذا مستحيل لكن العقبة الاساسية امامه هى احلام هؤلاء المتطرفين اللذين سبق فقتلوا السادات واسحق رابين لأنهم نجحوا فى السير فى هذا الطريق ولم يجد تجار الحرب سوا اغتيالهم ليعودوا لأرباح تجار الموت الخاصة بهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *